بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام: مما يغمر قلب المؤمن شعور بحلاوة الإيمان وهذا الشعور من لوازم الإيمان ،
وقد ورد في الحديث الصحيح في مواضع عدة من أبرزها :
عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا )) .
مسلم ، أحمد ، الترمذي ]
فالإيمان طعم ، والقلب يذوقه كما يذوق الفم طعم الطعام والشراب .
لأوضح ذلك هناك حقائق يدركها العقل ، وهناك مشاعر تغمر القلب ، هذه المشاعر التي تغمر القلب هي حلاوة الإيمان ، والذي يشد الإنسان إلى الدين ، ويجعله يضحي بالغالي والرخيص ، والنفس والنفيس هي حلاوة الإيمان ، تماماً لو أنك تملك خارطة لقصر ، القصر منيف كبير فخم ، له إطلالات ، وأبهاء واسعة ، وغرف كبيرة ، لكن هذا القصر عبارة عن خطوط مبنية على ورق على هندسة ، وضع هذه الخطط مهندسون كبار ، لكن الذي يملك هذه الخارطة ليس عنده كوخ يسكنه ، لكن معه خارطة قصر ، أما حلاوة الإيمان فأن يمتلك هذا القصر ، وأن يسكنه ، وفرق كبير جداً بين من يمتلك خارطة لقصر وأن يسكن ذلك القصر ، الذي يلفت النظر أن الصحابة الكرام في أمد قصير رفرفت راياتهم في أطراف الدنيا ، وفي أمد قصير فعلوا ما يسمى المعجزات ، وأنهم انتقلوا من رعي الغنم إلى قيادة الأمم .
وتجد المظاهر الإسلامية الآن صارخة ، بل هي أشد وضوحاً من أي وقت مضى ، ومع ذلك المليار والثلاث مئة مليون مسلم ليس لهم وزن في العالم ، مع أنهم يشكلون تقريباً ثلث سكان الدنيا .
الحقيقة أن قضية حلاوة الإيمان مشاعر تجعل الإنسان بطلاً ، تجعل الإنسان أسطورة ، والذي فعله الصحابة الكرام يكاد لا يصدق ، سيدنا الصديق يتلقى من سيدنا خالد طلب نجدة في معركة من المعارك كان المسلمون ثلاثين ألفاً ، والكفار ثلاث مئة ألف ، طلب منه المدد ، بالعقل البشري هل من المعقول أن يرسل سيدنا الصديق واحدًا مددًا ؟ طلب خمسين ألفاً ، فأرسل له الصديق القعقاع ابن عمرو ، فلما وصل قال له : أين المدد ؟ قال له : أنا المدد ، قال له : أنت ؟ معه كتاب ، قرأ الكتاب ، يقول سيدنا الصديق : والله يا خالد ، والذي أنزل القرآن على قلب محمد e ، إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم ، واحد بألف ، واحد بمليون ، واحد بملايين ، فكان الواحد من أصحاب رسول الله بألف ، والألف من أمة شاردة منفلتة لا تساوي أف ، واحد بألف ، وألف كاف .
الحقيقة حلاوة الإيمان لها ثمن باهظ، وحلاوة الإيمان لها نتائج باهرة، وكل شيء ثمنه باهظ نتائجه باهرة.
هذا الحديث أصل في هذا الدرس : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ )) . الآن أذكر ثمن حلاوة الإيمان : (( أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا )) .